الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عثمان بن عفان **
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 694، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 76.: قال حسان بن ثابت [ديوان حسان بن ثابت ص 101] شاعر النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ يمدح عثمان ويبكيه ويهجو قاتله: أتركتمُ غزوَ الدروبِ وراءَكُمْ *** وغزوتُمُونَا عندَ قبرِ محمدٍ فلبئسَ هَدْى المُسلمينَ هَديتُم *** ولبئسَ أمرُ الفاجرِ المُتعمِدِ أَنْ تُقدِمُوا نَجعلْ قُرَى سِرَواتِكُم*** حَولَ المدينةِ كُلَّ ليَّن مَذُود [ورد في ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 76: "كلٌ لَدْنٍ"] أو تُدبروا فلبئسَ ما سَافَرتُم *** ولمثلِ أَمرِ أَميرِكُمْ لَم يَرَشُد وكأنَّ أَصحابَ النَّبيِ عشيةً *** بُدُنٌ تذبّح عندِ بابِ المَسْجدِ أَبكِي أَبَا عَمْروٍ لِحُسن بَلائِهِ *** أَمْسَى مُقِيمًا [ورد في ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 76: "أحسى ضحيعًا". ] فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ وقال [ديوان حسان بن ثابت ص 22]: إن تمس دار ابن أروَى منه خاويةٌ *** [ورد في ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 77: "اليوم خاوية"] باب صريعٌ وباب محرقٌ خرب [ابن كثير، البداية والنهاية ج 7/ص 196 197] [ص 210]. قد يصادف باغي الخير حاجَتَه *** فيها ويهوى إليها الذكر والحسب يا أيها الناس أبدوا ذات أنفسكم *** لا يستوي الصدق عند اللَّه والكذب قوموا بحق مليك الناس تعترفوا *** بغارة عُصُبٍ من خلفها عصبُ فيهم خبيث شهاب الموت يقدمهم *** مستلئمًا قد بدا في وجهه الغضب وقال أيضًا [ديوان حسان بن ثابت صفحة 409 410]: من سرَّهُ الموتُ صَرْفًا لاَ مِزَاجَ لهُ *** فليأتِ مَأسَدَةً في دارِ عُثْمَانَا مُسْتَشْعِرِي حلقٍ الماذيَّ قد شفعتْ *** قبلَ المَخَاطمِ بِيضٌ زَانَ أَبدانا صبرًا فِدىَّ لكم أمي وما ولدت *** قد ينفع الصبرُ في المكروهِ أحيانا فقد [ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 77: "لقد".] لقد رضينا بأهل الشأم نافرة *** وبالأمير وبالإخوان إخوانا إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا *** ما دمت حيًَّا وما سميت حسانا لتسمعُن وشيكا في ديارهم *** اللَّه أكبر يا ثارات عثمانا يا ليت شعري وليت الطيرَ تخبرني *** ما كان شأن عليٍ وابن عفانا وقال كعب بن مالك الأنصاري: يا للرجال لِلُبّك المخطوف *** ولدمعك المترقرق المنزوف ويح لأمر قد أتاني رائع *** هدَّ الجبال فانقضت برجوف قتلُ الخليفة كان أمرًا مفظعًا *** قامت لذاك بليّة التخويف قتل الإمام له النجوم خواضع *** والشمس بازغة له بكسوف يا لهف نفسي إذ تولّوا غدوة *** بالنعش فوق عوائق وكتوف ولوا وأدلوا في الضريح أخاهم *** ماذا أجنّ ضريحه المسقوف من نائل أو سؤدد وحمالة *** سبقت له في الناس أو معروف كم من يتيم كان يجبر عظمه *** أمسى بمنزله الضياعُ يطوف ما زال يقبلهم ويرأب ظلمهم *** حتى سمعت برنة التلهيف أمسى مقيمًا بالبقيع وأصبحوا *** متفرقين قد أجمعوا بخفوف النار موعدهم بقتل إمامهم *** عثمان ظهرًا في التلاد عفيف جمع الحمالة بعد حلم راجح *** والخير فيه مبيّن معروف [ص 211] يا كعب لا تنفك تبكي مالكًا *** ما دمت حيًّا في البلاد تطوف فأبكي أبا عمرو عتيقًا واصلًا *** ولواءهم إذ كان غيرَ سخيف وليبكه عند الحفاظ معظِّم *** والخيل بين مقانبٍ وصفوف قتلوك يا عثمان غير مدنس *** قتلا لعمرك واقفًا بسقيف وقال أيضًا: فكفَّ يديه ثم أغلق بابه *** وأيقن أن اللَّه ليس بغافل وقال لأهل الدار لا تقتلوهم *** عفا اللَّه عن كل امرئ لم يقتل فكيف رأيت اللَّه صب عليهم الـ *** ـعداوة (العداوة) والبغضاء بعد التواصل وكيف رأيت الخير أدبر بعده *** عن الناس إدبار الرياح الحوافل وقال الحباب بن يزيد المجاشعيّ عم الفرزدق: لعمرُ أبيك فلا تجزعن *** لقد ذهب الخير إلا قليلا لقد سفه الناس في دينهم *** وخلّى ابن عفان شرًّا طويلا أعاذلَ كلُّ امرئ هالكٌ *** فسيروا إلى اللَّه سيرًا جميلا وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت: لعمري لبئس الذِّبح ضحيتم به *** وخنتم رسول اللَّه في قتل صاحبه وقالت زينب بنت العوام: وعطشتم عثمان في جوف داره *** شربتم كشرب الهيم شرب حميم فكيف بنا أم كيف بالنوم بعد ما *** أصيب ابن أروى وابن أم حكيم وقالت ليلى الأخيلية: قتل ابن عفان الإمام *** وضاع أمر المسلمينا وتشتتت سبل الرشا *** د لصادرين وواردينا فانهض معاوي نهضة *** تشفي بها الداء الدفينا وقال أيمن بن خزيمة: ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ضحى *** وأي ذِبح حرام وَيحْهم ذبحوا وأي سنة كفر سن أولهم *** وباب شر على سلطانهم فتحوا ماذا أرادوا أضل اللَّه سعيهم *** بسفك ذاك الدم الزاكي الذي سفحوا وقال الوليد بن عقبة: ألا مَن لليل لا تغور كواكبُهْ *** إذا لاح نجم لاح نجم يراقبَه بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم *** ولا تهبوه لا تحل مناهبه بني هاشم لا تعجلوا بإقادة *** سواء علينا قاتلوه وسالبه فقد يجبر العظم الكسير وينبري *** لذي الحق يومًا حقه فيطالبه وإنا وإياكم وما كان منكم *** كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه بني هاشم كيف التعاقد بيننا *** وعند عليٍ سيفه وجرائبه لعمرك ما أنسى ابن أروى وقتله *** وهل يَنسَيَن الماء ما عاش شاربه همو قتلوه كي يكونوا مكانه *** كما غدرت يومًا بكسرى مرازبه وإني لمجتاب إليكم بجحفلٍ *** يصم السميعَ جرسُه وجلائبه وقال الوليد يرثي عثمان ويحرض معاوية على الأخذ بثأره: واللَّه ما هند بأمك إن مضى النهـ *** ـار (النهار) ولم يثأر بعثمان ثائر أيقتلُ عبدُ القوم سيدَ أهله *** ولم يقتلوه ليت أمك عاقر وإنا متى نقتلهم لا يقد بهم *** مقيد فقد دارت عليك الدوائر وقال أيمن بن خُريم بن فاتك الأسدي وكان عثمانيًّا: تعاقد الذابحو عثمان ضاحية *** فأيّ ذبح حرام ويحهم ذبحوا ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ولم *** يخشوا على مطمح الكفر الذي طمحوا قالت بعد أن حمدت اللَّه وأثنت عليه: يا ثارات عثمان إنا للَّه وإنا إليه راجعون. أفنيتْ نفسه. وطُل دمه في حرم رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ. ومنع من دفنه. اللَّهم ولو يشاء لامتنع ووجد من اللَّه عز وجل حاكمًا. ومن المسلمين ناصرًا. ومن المهاجرين شاهدًا. حتى يفيء إلى الحق من سدِر عنه أو تطيح هامات وتُفرى غلاصم. وتخاض دماء، ولكن استوحشَ مما أنستم به. واستوخم [ص 213] ما استمرأتموه. يا من استحل حرم اللَّه ورسوله واستباح حماه. لقد كره عثمان ما أقدمتم عليه. ولقد نقمتم عليه أقل مما أتيتم إليه. فراجع فلم تراجعوه. واستقال فلم تقيلوه. رحمة اللَّه عليك يا أبتاه احتسبت نفسك. وصبرت لأمر ربك حتى لحقت به. وهؤلاء الآن قد ظهر منهم تراوض الباطل، وإذكاء الشنآن، وكوامن الأحقاد، وإدراك الإحن والأوتار. وبذلك وشيكًا كان كيدهم، وتبغيهم، وسعى بعضهم ببعض. فما أقالوا عائرًا. ولا استعتبوا مذنبًا، حتى اتخذوا ذلك سببًا إلى سفك الدماء. وإباحة الحمى. وجعلوا سبيلًا إلى البأساء والعنت. فهل أعلنت كلمتكم وظهرت حسكتكم إذ ابن الخطاب قائم على رؤوسكم. مائل في عرصاتكم يرعد ويبرق بإرعابكم. يقمعكم غير حذر من تراجعكم الأمانيّ بينكم وهلا نقمتم عليه عودًا وبدءًا، إذ ملك ويملّك عليكم من ليس منكم بالخلق اللين والجسم الفصيل. يسعى عليكم وينصب لكم. لا تنكرون ذلك منه خوفًا من سطوته وحذرًا من شدته. وأن يهتف مقسورًا أو يصرخ بكم معذورًا. إن قال صدقتم قالته. وإن سأل بذلتم سألته، يحكم في رقابكم وأموالكم كأنكم عجائز صلع وإماء قصع، فبدأ مفلتًا لابن أبي قحافة بإرث نبيكم على بعد رحمه، وضيق يده، وقلة عدده. فوقى اللَّه شرها، زعم للَّه درّه ما أعرفه ما صنع أو لم يخصم الأنصار بقيس، ثم حكم بالطاعة لمولى أبي حذافة، يتمايل بكم يمينًا وشمالًا. قد خطب عقولكم، واستمهر وجلكم، ممتحنًا لكم، ومعترفًا أخطاركم، وهل تسمو هممكم إلى منازعة. ولولا تيك لكان قسمه خسيسًا، وسميه تعيسًا. لكن بدأ بالرأي، وثنَّى بالقضاء، وثلث بالشورى، ثم غدا سامرًا مُسلطًا درته على عاتقه، فتطأطأتم له تطأطؤ الحِقة. ووليتموه أدباركم حتى علا أكتافكم. فلم يزل ينعق بكم في كل مرتع، ويشدد منكم على كل مخنقٍ، ويتورط بالحوباء. عرفتم أو نكرتم لا تألمون ولا تستنطقون. حتى إذا عاد الأمر فيكم، ولكم، وإليكم، في مونِقَةٍ من العيش عرقها وشيج، وفرعها عميم، وظلها ظليل. تتناولون من كثب ثمارها أنَّى شئتم رغدًا، وجلبت عليكم عشارُ الأرض دررًا، واستمرأتم أكلكم من فوقكم ومن تحت أرجلكم من خصب غدق وامق شرق. تنامون في الخفض، وتستلينون الدَّعة. ومقتَّم زبرجة الدنيا وحرجتها. واستحليتم غضارتها ونضرتها. وظننتم أن ذلك سيأتيكم من كثب عفوًا. ويتحلب عليكم رسلًا، فانتضيتم سيوفكم، وكسرتم جفونكم. وقد أبى اللَّه أن تُشام سيوف جُردت بغيًا وظلمًا، ونسبتم قول اللَّه عز وجل: قالت بعد أن حمدت اللَّه وأثنت عليه: عثمان ذو النورين قتل مظلومًا بينكم بعد الاعتذار وإن أعطاكم العتبى. معاشر المؤمنين وأهل الملِّة لا تستنكروا مقامي. ولا تستكثروا كلامي، فإني حرَّى عَبْرَى. رزئت جليلًا. وتذوقت ثكلًا من عثمان بن عفان. ثالث الأركان من أصحاب رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ في الفضل، عند تراجع الناس في الشورى يوم الإرشاد. فكان الطيِّب المرتضى المختار، حتى لم يتقدمه متقدم، ولم يشك في فضله متأثم. ألقوا إليه الأزّمة، وخلوه والأمة حين عرفوا له حقه، وحمدوا مذهبه وصدقه. فكان واحدهم غير مدافع وخيرتهم غير منازع. لا ينكر له حسن الغَناء ولا عنه سماح النعماء. إذ وصل أجنحة المسلمين حين نهضوا إلى رؤوس أئمة الكفر حيث ركضوا فقلَّدوه الأمور. إذ لم يكن فيهم له نظير، فسلك بهم سبيل الهدى. وبالنبي وصاحبيه اقتدى. مخسئًا للشيطان إلى مداحره. مقصيًا للعدوان إلى مزاجره. تنقشع منه الطواغيت، وتزايل عنه المصاليت. حتى امتدَّ له الدين. واتصل له السبيل المستقيم. ولحق الكفر بالأطراف، قليل الآلاف والأحلاف. فتركه حين لا خير في الإسلام في افتتاح البلاد. ولا رأي لأهله في تجهيز البعوث. فأقام يمدَّكم بالرأي. ويمنعكم بالأدنى. يصفح عن مسيئكم في إساءته. ويقبل من محسنكم بإحسانه. ويكافئكم بماله. ضعيف الانتصار منكم. قوي المعونة لكم. فاستلنتم عريكته حين منحكم محبته، وأجرركم أرسانكم. آمنًا جرأتكم وعدوانكم. فأراكموه الحق إخوانًا. وأراكموه الباطل شيطانًا في عقب سيرة من رأيتموه فظًا. وعددتموه غليظًا. فهدكم منه بالقمع. وطاعتكم إياه على الجدع. يعاملكم الحسبة. ويتخونكم بالضر. وكان اللَّه أعلم بآدابكم ومصالحكم. فللَّه هو كان قد نظر في ضمائركم، وعرف إعلانكم وسرائركم. فحين فقدكم سطوته وأمنتم بطشه، رأيتم أن الطرق قد انشعبت لكم. والسبل قد اتصلت بكم. ظننتم أن اللَّه يصلح عمل المفسدين. فعدوتم عدوة الأعداء. وشددتم شدة السفهاء على التقي النقي، الخفيف بكتاب اللَّه عز وجل لسانًا. الثقيل عند اللَّه ميزانًا. فسفكتم دمه. وانتهكتم حرمه. واستحللتم منه الحُرَم الأربع: حرمة الإسلام، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام. فليعلمنَّ الذين سعوا في أمره، ودبوا في قتله، ومنعونا من دفنه. اللَّهم إنه بئس للظالمين بدلًا، وأنهم شر مكانًا، وأضعف جندًا. لتتعبدنكم الشبهات. ولتفرقن بكم الطرقات. ولتفرقن بكم الطرقات، ولتذكرن بعدها عثمان. ولا عثمان. وكيف [ص 215] يسخط اللَّه من بعده. وأين كنتم لعثمان ذي النورين منفس الكرب. زوج ابنتي رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ، وصاحب المربد ورومة. هيهات واللَّه ما مثله بموجود. ولا مثل فعله بمعدود. يا هؤلاء إنكم في فتنة عمياء، صمّاء، طباق السماء. ممتدة الجران. شوهاء العيان في كثير من الأمر. قد توزع كل ذي حق حقه. ويئس من كل خير خيرُ أهله. فلهوات الشر فاغرة، وأنياب السوء كاشرة، وعيون الباطل خزْر، وأهلوه شزر، ولئن نكرتم أمر عثمان، وبشعتم الدَّعة لتنكرن غير ذلك من غيره، حين لا ينفعكم عتاب، ولا يسمع منكم استعتاب. انتهى الكتاب والحمد لله أولًا وآخرًا.
|